تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
abstract

دور الأسرة في التعامل مع الطفل ذوي اضطراب طيف التوحد

Dr Najy

يُعد دور الأسرة أساسياً في تطبيق البرامج التربوية والعلاجية للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، فالأسرة هي التي تقضـــــي أكبر وقت مع طفلها وهي التي تراقب وتلاحظ على الأغلب وجود أي مشكلة أو تطورات على سلوكه، وهي التي تنقل المعلومات والملاحظات عن السلوكيات غير العادية للأخصائيين والمعالجين الذين يقدمون الخدمات المختلفة في رعايته.

وللأسرة دور أساسي في تقديم المعلومات الاختصاصيين في العديد من جوانب الضعف أو القوة لدى الطفل، والتي لا تظهر عـــادة من خلال الملاحظة والمقاييس سواء في العيادة أو المركز، بل تظهر لدى الأسرة فقط ؛ لأن الطفل لا يقوم بها إلا في المنزل، لذلك هنالك أهمية كبيرة للمشاركة الفاعلة للوالدين منذ عملية التشخيص الأولى حتى صياغة البرامج التــربوية وتطبيقها وتقييمها. كما أن للأسرة دور كبير وفعال في تطوير مهارات الحياة اليومية ومهارات العناية بالذات لدى طفـل طيف التوحـد ، حيـث إن تدريب الطفل على هذه المهارات قليل من حيث المدة الزمنية سواء في المركز حيث لا تتعدي منتصف النهـار، بينما يقضي باقي الوقت في المنزل، مما يـستدعي تعاون أفراد الأسرة مع المعلمين أو المعالجين باستمرار في البرامج  التي تقدم للطفل من قبل مقدمي الخدمة في المؤسسات التي تقدم الرعاية لأطفال طيف التوحد ، وكذلك تهيئـة البيئة المناسبة في المنزل، حتى تساعدهم للوصول للعمل بنجاح بقدر المستوى الذي تسمح به قدراتهم وقابليتهم، حيث إن رعاية الأسرة وحنان الأبوين يمثلان الجهـد الأساسـي فـي رعاية الطفل ذوي اضطراب التوحد وتعديل سلوكه، وبالتالي فإن ذلك ينعكس إيجابا على تعلم المهـارات الحياتية المختلفة التي تساعده على التكيف وتزيد من فرص ادماجه في المجتمع.

ومما لا شك فيه هناك العديد من أولياء الأمور قاموا بتطوير حلولا إبداعية في العمل مع طفلهم، وتوليد خيـــارات وبدائل جديدة لحل بعض المشكلات السلوكية التي تواجههم في المنزل، وبالتالي التغلب عليها عن طريق التجريب والملاحظة، وتجريب العديد من الطرائق للوصول الى الحل الأمثل في مواجهة مشكلات الطفل، وإصرارهم على تغير سلوك طفلهم نحو الأفضل، وإشراكه في النشاطات اللامنهجية والزيارات الاجتماعية والتفاعل مع الأشخاص الآخرين. ولمساعدة الأسرة على لعب دور إيجابي في نمو الطفل التوحدي وتفهم ظروفه وتنمية مهاراتـه، لا بد من تقديم بعض الإرشادات الداعمة لما ينبغي أن يقوم به الوالدان والأسرة بشكل عام تجاه طفلهم ذوي طيف التوحد:

- يعاني طفل التوحد من اضطرابات نمائية في تواصله الحسي؛ بسب قدراته الحسية المحدودة، وكثيراً ما ترغب الاسرة في أن ترى طفلها التوحدي يلعب مع الأطفال الأسوياء، ومن ثم فهم الذين يفرضون (أي الأهل) عليه لعبة معينة يعتبرونها وسيلة نموذجية له وهذا الأمر غير صحيح، حيث يجب البحث دائماً عن الأدوات والوسائل التي تثير انتباه الطفل ذوي اضطراب طيف التوحد وتجذبه شريطة أن تكون مناسبة لقدراته الحسية.

- إن طفل التوحد غالباً لا يستطيع إقامة أي نوع من التواصل الاجتماعي، حتى مع أقرب الناس إليه، ويتم عادة استخدام برامج تعديل السلوك التطبيقي مع التركيز على المعززات بأشكلها المختلفة، وكذلك التركيز على الأنشطة الجماعية التي توفر له المشاركة الاجتماعية مثل التوجه إلى الساحة لممارسة النشاط الرياضي، أو التوجه للمطبخ أو ترتيب غرفته، أو القيام بنشاط زراعي، أو المشاركة في الغناء الجماعي ...الخ، مع اتباع الرحلات المنظمة، كرحلات إلى الأماكن العامة، وتوفير فرص اجتماعية في مواقف بيئية مختلفة ومتنوعة.

- في حالة معاناة طفل التوحد من اضطرابات انفعالية شديدة ينبغي المحافظة على تناول ادويته في الموعد المناسب وأن يتم تقديم الخدمات النفسية اللازمة للحد من تطور أعراض الاضطراب وشدتها لحين أن تتحسن حالته واحساسه بالاتزان النفسي بين أفراد أسرته. على سبيل المثال شجع الطفل علي تغيير البيئة المزعجة له كالخروج إلى الحديقة أو المسبح البيتي أو إلى أي مكان آخر آمن عندما يشعر بالغضب أو القلق وتأكد من أنه يستطيع الوصول إلى هذه الأماكن بسهولة وبدون عوائق كثيرة.

 - على الأسرة أن تتحسس أي مشكلة تواجه طفلها فقد ترى سلوكاً معيناً غير مقبول ولكن السبب الأساسي قد لا يكون واضحاً عندما يبدأ سلوك الطفل في التغير والاختلاف عما سبق، لاحظ هل سبق ذلك تغيير في بيئته أو نمط حياته (الروتيني). كذلك لاحظ هل هناك أسباب صحية لهذا السلوك أم لا، فقد يكون سبب ضرب الطفل أحياناً لرأسه بالجدار بسبب معاناته من ألم في أذنه أو الشعور بصداع، كما قد يكون سبب عض أصابعه هو آلام الأسنان التي يعاني منها.

- التأكيد على الروتين والتنظيم في الحياة اليومية للطفل التوحدي، تأكد من أن طفلك يدرك الأحداث خطوة تلي خطوة وقد يتم استخدام الصور الفوتوغرافية أو الرموز المصورة أو البطاقات أو اشرطة الفيديو التي تمكنه من القيام بالمهمات بطريقة صحيحة ومقبولة.

- ضرورة الاهتمام بمتطلبات واحتياجاته الطفل والاستماع له، فبعض الأطفال التوحديين قد يكونون قادرين على التعبير بطريقة ما عما يشوش عليهم أو يجعلهم قلقين، وقد يحدث ذلك منهم حالاً أو بعد ساعات، وإزاء ذلك راقب سلوك طفلك ولاحظ أي أنماط سلوكية يمكن متابعتها وعلى ماذا تدل. فإذا قام الطفل بسلوك غير مرغوب به أخبره بأنك غير سعيد بما فعله (الطفل) وليس غير سعيد لوجوده، ومثال ذلك لا تقل له أنت عدواني ولكن دعه يعرف بوضوح أن ما فعله كان سلوك خاطئ.

 - على الأسرة تقديم المكافأة والتعزيز المناسب للطفل وتشجيعه لضمان تكرار قيامه بالسلوك المرغوب في المرات اللاحقة وذلك بتقديم المعززات التي يحبها وينتظر الحصول عليها عند قيامه بالسلوك كمشاهدة فيلم فيديو يحبه أو اللعب بلعبة معينة أو استخدام الألوان أو المعجون وذلك عندما يتصرف تصرفاً ايجابياً، وتجاهل سلوكه غير المقبول حتى يتلاشى تدريجياً ويختفي.

 - استخدام نمط ثابت في التعامل مع سلوكيات الطفل من قبل أفراد الاسرة وكذلك استخدام لغة واضحة من أجل أن تكون حدود الأشياء واضحة لدى طفل طيف التوحد، ولا تحدث له ارباك في تعدد ممارسات وردود فعل أفراد الأسرة تجاه تصرفاته.

- وفي ظل جائحة  فيروس  كورونا، فالأشخاص الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد وغيرهم من ذوي الإعاقات الأخرى، أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، لأنهم لن يستطيعوا الاستمرار في تطبيق الإرشادات الوقائية، لذلك توجد العديد من المشكلات التي تواجه ذوي الإعاقة، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة عند اتباع قواعد الحماية،  كالمحافظة على غسل اليدين، حيث يعتبر غسل اليدين أحد النصائح الأساسية للتخلص من الفيروس، وهنا على أولياء الأمور الاهتمام بمتابعة غسل أيدي الطفل واستخدام المعقمات بشكل مستمر، وكذلك الابتعاد عن أماكن التجمعات، علماً بأن العديد من ذوي الإعاقة لا يستطيعون عزل أنفسهم تماما، لأنهم يحتاجون إلى شخص يساعدهم لأداء مهامهم اليومية، وهذا الدور يجب أن يُلقى على عاتق أولياء الأمور في هذه المرحلة.

الأستاذ الدكتور ناجي السعايدة

مستشار الشؤون التعليمية لمركز الشفلح لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة